صورة لغلاف كتاب العريش الحاج يحيى الغول

صفحة الحاج يحيى الغول على الفيس بوك

خاتمة كتاب سيناء المقدسة الحاج يحيى الغول


الخاتمة
شكلت الدراسة عن سيناء من الأهمية لكون مؤلف الكتاب هو احد ابناء سيناء ومن أحد القبائل التي لها مركز الثقل في المجتمع السيناوي (قبيلة الفواخرية) ولكونه قاضيا عرفيا, ووالده الراحل الشيخ/ محمد إبراهيم الغول القاضي المعروف في سيناء والمُصلح الاجتماعي على مدى سنوات طويلة, مما أفاد المؤلف كخبرة إذ أنه رافق والده في العمل العام, كما أن المؤلف حاصل على ليسانس الحقوق فأصبح سرد الوقائع إليه أمرا واقعيا.
لذا حرص الباحث أن يتناول كافة ما يتعرض إليه هذا المجتمع من قضايا تتعلق بأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية كما أنها في بعض الحالات تتعرض إلى وجود انقسامات واختلافات بين الأسر والقبائل في المجتمع السيناوي مما يحدث شرخاً يصعب مداواته لفترة طويلة.
فكان حرصه على بيان الحقائق بكافة تفاصيلها وأنواعها وأشكالها متعرضاً أولاً لأهمية تلك المنطقة على أمن مصر القومي معتمداً على دورها التاريخي منذ الحقبات التاريخية المتعاقبة على تلك المنطقة.
حيث حرص على أن يبرز في الدراسة أهمية تلك المنطقة في الكتب السماوية ولاسيما القرآن الكريم إلى جانب أهميتها من الناحية الجغرافية لدول الجوار وما تشكله من أهمية على تلك المنطقة إلى جانب تناوله لعنصر السكان بصفته العنصر الهام في عملية الاستقرار والتنمية لهذه المنطقة حيث تَمكن من إبراز مراحل ومداخل التنمية ومحاور كيفية السبيل للتنمية لحل المشاكل الرئيسية في المجتمع المصري من خلال هذه المنطقة وهو ما يحققه العديد من الأبعاد السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية إلى جانب الحراك الثقافي المستمر, كما اهتمت الدراسة بإبراز جانب الحياة الإجتماعية باعتباره تراثاً هاماً لتلك المنطقة معتمداً على تدوين تلك الظاهرة من المخبرين وشاهدي العيان لتلك الحياة مدققاً وفاحصاً ومثبتاً ذلك مبرزاً أهميتها وتاصيلها في المجتمع السيناوي كما عالج القضاء العرفي المتميز في سيناء وباعتباره أحد الأركان الهامة التي يلتزم بها أفراد المجتمع سواء كانوا من الحضر أو البدو حتى أن الوافدين من أبناء النيل والذين يستقرون في تلك المنطقة يتأقلمون بما هو متبع في أسلوب الحياة والقضاء العرفي الذي يعتبر ملزما لكل الأطراف, حيث يبين تلك الظاهرة مبرزاً سلبياتها وإيجابياتها وما يجب أن يتم في ضوء التطور الهائل لثورة المعلومات وتكنولوجيا الإتصالات وكيفية السبيل إلى تطوير بعض المناظير الخاصة بهذا القضاء.
كما استطاع الباحث أن يجسد دور أبناء سيناء في مقاومة الغزو الأجنبي بدءً من الأطماع الاستعمارية البريطانية وإنتهاءً بالأطماع الصهيونية متناولاً الحروب التي دارت في المنطقة وأحداثها ومبينا دور كل فرد من أفراد المجتمع السيناوي في مقاومة العدو إلى جانب القبيلة التي ينتمي لها مؤكدا أن جميع القبائل السيناوية كانت بقلب واحد وعلى رجل واحد في فكر واحد لمقاومة الإستعمار.
كما أعطى صورة لما يجب تحقيقه على أرض الواقع والمأمول في تنمية حقيقية لتكون الدرع الواقي لأمن مصر القومي مستفيدين من أحداث الماضي كعظة وعبرة.
ويسجل المؤلف مضيفا إلى ما سبق, إن كثير من العادات والتقاليد تغيرت مع التطور والحداثة وخاصة في نوع الأعمال من تغير الكثير من المزارعين بالزراعة الحديثة عما كان سابقا من زراعة على الأمطار ودخول المعدات الميكانيكية للزراعة وجني الثمار وتصنيعها وتغليفها للسوق المحلي أو التصدير.
كما تغيرت وسائل وطرق صيد الأسماك من وسائل تقليدية إلى الصيد بمراكب ضخمة وميكانيكية, كما أن شباك الصيد أصبحت تخضع لقانون البيئة لعدم التأثير على الثروة السمكية.
قامت في سيناء مجتمعات عمرانية جديدة وتطور هائل في نظام السكن والإقامة وعمل بعض أبناء سيناء في الوظائف الحكومية والشركات العامة والقفزة العلمية التي أصبحت في سيناء وكان من نتاجها التغير في الكثير من العادات والتقاليد والالتزام بتطور المجتمع المدني, كما أن تعليم المرأة كان له الأثر الكبير في هذا المجتمع, كما تغير نموذج الأزياء المعروف عن المنطقة للذكور والإناث, كما تغيرت فكرة أن البنت ليس لها إلا بيت زوجها وأصبحت طبيبة ومهندسة ومحامية وفي كل الوظائف, كما تغير النمط الإستهلاكي من الوضع التقليدي القديم إلى نمط استهلاكي مدني سواء في المأكل والملبس والسكن ووسائل الترفيه وغيرها, وعلى سبيل المثال:
كانت الأفراح تقام داخل القبيلة ويخصص لها مكان يتماشى مع هذه المناسبة كما كان في المدينة تقام الأفراح داخل البيوت, أما اليوم فقد أصبحت تقام الأفراح في النوادي وصالات الإحتفالات ويتم تأجير الفرق الفنية لمثل هذه المناسبات.
وفي مناسبات الأحزان أصبحت دور مناسبات لهذا الأمر كما يقام (الصيوان) بالأجر.
وبنظرة مدققة نجد أن جميع الأسر بها أفراد حصلوا على شهادات جامعية أو متوسطة والبعض من أبناء سيناء من المدن أو من قبائل البدو حصل على درجة الماجستير والدكتوراة في جميع التخصصات وبالتالي كان لذلك تأثير إيجابي وتغير في بعض العادات التي وجب تغييرها بالتطور السريع في الحياة المدنية.
كان ولازال للسياحة الخارجية الواردة من الخارج على منتجعات جنوب سيناء أثر كبير في أن الكثير منهم دخلوا سوق هذا العمل وأصبحوا أصحاب شركات وتجار ومقاولين, وهذا تغير إيجابي في نوع العمل في الجنوب.
كما أن النظرة للمشروع القومي لشرق القناة سوف يخلق مجتمع زراعي صناعي غير مسبوق في هذه المنطقة وبالتالي سيغير في التركيبة السكانية المعروفة سابقاً في تلك المنطقة.
قيام الدولة بإنشاء المدارس والخدمات في وسط سيناء بالإضافة إلى حفر الآبار للزراعة والفكر الجدي لتعمير منطقة الوسط سيخلق مجتمعا جديدا في الفترة القادمة.
لابد لأبناء سيناء من المحافظة على ثقافتهم المقننة بالحفاظ على النفس والمال والعرض سواء لأبناء سيناء أو لإخوانهم القادمين من محافظات مصر وأن المحافظة على العادات الطيبة يتطلب أولا أن يحافظ عليها صاحبها ولا يكون سببا في ضياعها وأن ما يحدث في هذه الفترة من أعمال تضع العادات والتقاليد الطيبة في اختبار, ندعوا الله أن ينجح أبناء سيناء بالمحافظة على الأمن والأمان متعاونين مع الإدارات العامة في الدولة لصالح مصر وسيناء.
كما أن إنشاء وافتتاح جامعة سيناء الواقعة في منطقة المساعيد التي كانت أول الفتوحات الإسلامية أن تكون فتحاً علمياً وبداية نهضة فكرية ونموذجية على أرض سيناء وأن انتساب أبناء العروبة لهذه الجامعة سواء من الدول العربية المجاورة أو غير المجاورة سيكون له أثراً إيجابياً في اكتساب ثقافات متعددة وعلينا _أهل سيناء_ أن ننقل لهؤلاء الأبناء العادات الطيبة التي تتمشى مع ديننا الحنيف ومع أخلاقيات أهل سيناء الموروثة من الآباء والأجداد على حب الخير للغير والحفاظ على الأموال والممتلكات وحسن السمعة, وأن نكون جميعا النموذج الطيب للمنتسبين لهذا الصرح العظيم.
إن ما حدث على أرض سيناء في سنوات مضت من أعمال لم يعتاد عليها أهل سيناء وهي تفجيرات (طابا وشرم الشيخ) يعتبرها المجتمع السيناوي دخيلة على أخلاقيات هذا المجتمع أي إن كان فاعلها, ولم تكن الإشارة إلى هذا الأمر من باب سرد تلك الأحداث إنما هي أحداث تمت , وقد عبر المجتمع عن رفضه لها.
إن ما يتم من أحداث في سيناء وتتمثل في زيادة النزاعات وقضايا القتل, انما هي شيء جديد لم تعهده سيناء من قبل وعلينا جميعا أن ندرس بجدية أسباب تلك الاحداث ومشاركة ادارات الدولة يدا بيد للحد والسيطرة وبحث الوسائل لوضع الحلول المناسبة وضرورة العمل الجاد من العقلاء والحكماء والشيوخ والمثقفين من ابناء سيناء ومساهمتهم الفعالة للاستقرار والمحافظة على كل فرد على ارض سيناء في ماله وعرضه ونفسه , وهذا عمل من ضمير الانسان ومن واقع ما تربينا عليه من حب للدين والوطن , ورفض لكل ما يخالف القانون ونعتقد أن اهل سيناء سيستطيعون _إنشاء الله_ عمل اللازم للحد من ذلك متعاونين مع اجهزة الدولة وهذا من واجبهم دوما للمصلحة العامة.
إن سيناء وهي الجزء الغالي من مصر والمتاخمة من الجهة الشرقية لإسرائيل الطامعة في منطقتنا يتطلب قيادات لها فكر استراتيجي ولها معرفة بسيناء أرضا وبشرا للعمل مع أبناء سيناء للحفاظ عليها وتنميتها والاستفادة من خيراتها للوطن وأن يكون الجميع على قلب رجل واحد بنظرة واعية لعدو يتواجد على الحدود وفي تقديرنا أن تكون جميع القيادات التنفيذية والأمنية والشعبية على وعي وتعاون وخبرة, وأن نبدأ جميعا في دعم القيادات لتبوأ الشخص المناسب في المكان المناسب سواء في المواقع التنفيذية أو الشعبية أو حتى في زعامات القبائل وشيوخها في المدن والبادية لأن العدو لا يفرق إذا غدر, ونرى ضرورة إنشاء مجلس ثقافي على مستوى المحافظة سواء في الشمال أو الجنوب من المفكرين والمثقفين لمواكبة كل ما هو جديد, وهذا المجلس يكون عطائه للوطن دون أي مقابل وبالتعاون مع كافة إدارات الدولة, والله نسأل التوفيق والأمن والأمان في كل ربوع مصر.
المؤلف