صورة لغلاف كتاب العريش الحاج يحيى الغول

صفحة الحاج يحيى الغول على الفيس بوك

خاتمة كتاب العريش الماضي والحاضر الحاج يحيى الغول

                                                               الخاتمة
إن دور الأعراف في التعامل بين الأفراد والجماعات لا يقل أثرًا وأهمية عن القوانين الوضعية، حيث إن الأعراف والعادات والتقاليد التي تغلب على تسميتها العرف السائد، وما استقر في وجدان المجتمع حرصه على هذا العرف لقناعته بأنه تراث محمود، ومنه القضاء العرفي الذي يعتبره أفراد المجتمع بمثابة الضابط الاجتماعي منذ عشرات السنين.

وقد حافظ على المجتمع لتميزه بالعقلانية والمنطق والبحث عن الحقيقة لاقتلاع جذور الشر والفساد.

وبعد التطور الهائل للحياة المدنية ورغبة المجتمعات في تطوير قوانينها، وخاصة في مكافحة الجريمة وحقوق المرأة والطفل والحفاظ على البيئة كان القضاء العرفي سباقًا في هذه المجالات وقواعده الثابتة مقاصدها الصحيحة هي الحفاظ على الأرواح والأعراض والممتلكات والدين والعقل.

إن العالم اليوم يعاني من ارتفاع كبير جدًا للجريمة، وإن التطور الهائل في النظم الاقتصادية وعلم الفضاء بما له من جوانب عظيمة عادت على البشرية بالنفع، إلا أن الجوانب السلبية تطلبت إعادة النظر في القوانين لتتناسب مع هذا التطور الهائل، وحماية المجتمعات من جرائم كثيرة.

إن الأمن والأمان هما القاعدة الأولى للاستقرار والتنمية في كل بلاد العالم، وقد كان للقضاء العرفي في سيناء دور بارز وكريم في تماشيه مع المستجدات، وقد كان سباقًا في تشديد العقوبات على الخارجين والجُناة.

وكما تبين في صفحات الكتاب، إننا نُطالب بتثبيت القواعد العرفية التي تحمي المجتمع والمراجعة لبعض الإجراءات التي قد لا تتناسب مع الحياة المدنية اليوم.

من أجل ذلك، فإن مجتمع سيناء عليه إعادة النظر في بعض الإجراءات والاتفاق على القواعد الأصلية التي تعتبر تحت مظلة الشريعة الإسلامية، حتى يجد المستثمر مجتمعًا داعمًا للتنمية.

كما نستطيع أن نُكونَ مُجتمعًا نموذجيًا يستفيد منه كل أبناء مصر، وأمثلتنا على ذلك هي الاستفادة من القضاء العرفي في محافل كثيرة بمسميات كل مكان مثل:

الاعتماد على شخصيات عامة لديها الدافع الديني والوطني للإصلاح الاجتماعي في مجالس إدارات النوادي، والتي تعتبر مراكز هامة للأجيال، فنستطيع أن نغرس في نفوس هذه الأجيال الأخلاق الكريمة، ومنهم ستكون شخصيات قيادية للإصلاح الاجتماعي الذي يعود على المجتمع كله بالأمن والأمان.

مثال آخر: ضرورة قيام النقابات بتشكيل لجان للإصلاح الاجتماعي مُعتمدة على قواعد الأخلاق الكريمة، وهي من قواعد القضاء العرفي في سيناء.

إن مثل هذه الأعمال ستكون نموذجًا للمجتمع المدني في النقابات والنوادي والجمعيات الأهلية.

هذا بالإضافة إلى ضرورة قيام وزارة الأوقاف والأزهر الشريف بدور المُصلح الاجتماعي في كل ربوع مصر مُستعينين في كل مدينة أو قرية بحكمائها، على أن يكون ذلك العمل لا يخضع للأوامر الوظيفية، وخالصًا لوجه الله.

وبذلك نكون قد استفدنا من القضاء العرفي في المجتمع المدني والمشاركة الفعلية بأساليب متعددة، يُضاف إليها مراعاة ظروف كل منطقة على حدا.

ولا ننسى أن وزارة الداخلية وهي القائمة على عملية الضبط والربط، وتتحمل عبئًا كبيرًا في هذا المجال.

من الضروري أن يكون في كل قسم إداري، وجميع أجهزة الأمن المحكتة بالجماهير، ضرورة إنشاء مكتب للمُصالحات برئاسة رتبة كبيرة محبة للعمل العام من دافع شخصي ومدربة على مثل هذه الأعمال بدلاً من إحالة كثير من القضايا إلى القضاء، مما يتسبب في إضافة أعباء على المحاكم ومصاريف كبيرة وعدد من موظفي الدولة قد نستفيد منهم في أعمال أخرى.

وسيكون لهذا العمل آثار إيجابية في شعور المواطن بأن أجهزة الدولة تتعامل مع قضاياه من دافع ديني ووطني سيؤديان إلى الترابط وحب الوطن وحل كثيرا من المشاكل قبل أن تصل إلى اللا عودة.

ولنبدأ بنزاعات الأسرة الواحدة والحرص على الجيرة كنموذج لباقي حاجة المجتمع في إصلاح ذات البين.

وفي مجتمع سيناء يجب أن يسعى الجميع إلى وحدة فكر بين المواطنين والجهاز الإداري والأمني وأن يكون التعاون كبيرًا بين أجهزة الأمن المختصة وشيوخ وقضاة وعواقل أهل سيناء لضرورة عودة الأمن والأمان لكل من يقيم فيها تحت مظلة الدولة وقوانينها، وأن يكون القضاء العرفي داعمًا لأهداف الأمن القومي والتنمية والاستثمار على هذه البقعة المُقدسة، والتي هي على حدود مصر الشرقية.

وتعتبر من أهم محافظات مصر لكونها على خط الحدود الدولي مع فلسطين المُحتلة.

وقد كان للقضاء العرفي ورجاله مواقف عظيمة فترات الاحتلال لسيناء.

وها نحن اليوم نُطالب بالسير على الخطى الطيبة للسابقين خدمة للوطن والمواطنين.

داعين الله سبحانه وتعالى أن نعود إلى أخلاقنا الكريمة التي ينادي بها الدين الإسلامي.

حيث إن القضاء العرفي بنيت قواعده الأساسية على الأخلاق الكريمة.

يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "إنما بُعثت لاتمم مكارم الأخلاق"( ).

وقال: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا"( ).

وسُئل -صلى الله عليه وسلم- عن أفضل الأعمال فقال: "حُسن الخلق"( ).

وأثنى الله تعالى على نبيه بحسن خلقه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}( ).