صورة لغلاف كتاب العريش الحاج يحيى الغول

صفحة الحاج يحيى الغول على الفيس بوك

مقدمة كتاب العريش الماضي والحاضر الحاج يحيى الغول

                                                                   مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم "يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عن الله أتقاكم إن الله عليم خبير"[1].

مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء الآن وأكبر المدن الصحراوية في جمهورية مصر العربية.

كانت سابقاً عاصمة شبه جزيرة سيناء.

تقع مدينة العريش على ساحل البحر الأبيض المتوسط , تبعد عن حدود فلسطين 45كم وعن قناة السويس 160كم.

ترجع أهميتها إلى بداية نشأتها , فهي المدينة التي مر عليها أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام في رحلته إلى مصر وعودته بزوجته هاجر أم سيدنا إسماعيل عليه السلام.

هي محطة نبي الله يعقوب عليه السلام , ويوسف الصديق وإخوته.

كما أنها الاستراحة في طريق العائلة المقدسة مريم العذراء والمسيح عليه السلام.

وهي محطة وطريق كل الفاتحين , وهي بداية الفتح الإسلامي لمصر على يد الصحابي الجليل عمرو بن العاص في عهد الخليفة الراشد عُمر بن الخطاب , الذي وصل إلى العريش بقيادة جيش من حوالي 4000 رجل تحرك بهم من فلسطين إلى العريش وأخضع القلاع حتى وصل إلى بلبيس بشرق مصر , وكان قد أقام في منطقة (المساعيد) _غرب مدينة العريش_ ليقرأ على جنده رسالة الخليفة عمر بن الخطاب والإذن بفتح مصر وقد أقاموا[2]ونحروا الأضاحي لأنها توافقت مع عيد الأضحى[3].

· العريش مدينة قديمة ولم تكن تفصلها أية حدود مع بيت المقدس إلا بعد وجود الكيان الغاصب لفلسطين , حيث تعتبر جزء من الأرض المباركة وحلقة وصل على مر التاريخ بين أرض الكنانة والشام , وهي محطة هامة على مر الزمان لعبور الأنبياء وعودتهم ومكان استقرار لهم سواء سيدنا إبراهيم أو يوسف الصديق عليه السلام وأبويه وإخوته , ثم طريق التجارة الواصل بين مصر والشام , والطريق الحربي ومحور هام حتى اليوم وهي ثغر في حدود مصرالشرقية.

· عانت في التاريخ الحديث وخصوصاً منذ الحملة الفرنسية والحرب العالمية الأولى , ثم اعتداءات الكيان الصهيوني حتى انتصار مصر على إسرائيل في حرب 1973م وعودة العريش إلى أحضان مصر ضمن كل سيناء.

وها هي اليوم تنمو وتزدهر لتظل شامخة ضمن المدن الهامة في مصر والشرق الأوسط لتظل متيقظة إلى الحدود الشرقية عين ساهرة خوفاً من غدر الكيان الصهيوني في أي وقت , وأخرى تساعد إخوانهم في فلسطين.

وقد تبين ذلك من قيام أهل العريش بالدعم والمساعدة , وآخرها قيام أهل العريش بالوقوف والدعم والمساعدة لقطاع غزة ضد الكيان الإسرائيلي حينما هجم على القطاع في عام 2008م بكل وحشية مدمراً الحجر والبشر _وهذا دأبه_.

فما كان من العريش وأهلها إلا الوقوف مع أهل القطاع مثل أبناء الوطن في مصر والعروبة والإسلام وكسر الحصار الذي يفرضه الكيان الغاصب على قطاع غزة.

تنفيذا لأوامر الله العلي القدير حيث يقول تعالى :"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب"[4].

وقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"[5].

وقوله _صلى الله عليه وسلم_ :"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"[6].

إن العريش مدينة عريقة في موقعها وفي أهلها على مر التاريخ فكما ذكرنا أنها قديماً استراحة وممر للأنبياء والصالحين والفاتحين , فهي في محيط أرض الرسالات السماوية.

وللعريش على مر العصور أحداث وحكايات, ومن أبناءها نُجباء في كل الفترات وفي كل الأجيال.

ففي التاريخ الحديث منذ الفتح العثماني وقيام الامبراطورية العثمانية وهي الخلافة الإسلامية منذ بسط نفوذها على المشرق العربي 1517م قامت بإعادة بناء قلعة العريش في عهد السلطان سليمان القانوني في عام 1560م عُين أول حاكم للقلعة من أبناء العريش.

· كان منها العالم والإمام عبد الرحمن بن عمر العريشي الذي عُين فيما بعد في الأزهر الشريف لرواق الشام.

وفي كل مرحلة تمر بها مدينة العريش يُسجل ويُخلد الكثير من أبناءها في كل المجالات.

رحم الله أجدادنا وأهلينا ومن سبقونا وجزاهم الله عنا خير الجزاء , فقد تميزوا في حب الدين والوطن وكانوا رجالاً في الحرب والسلم , وها هم أحفادهم على الطريق.

كما أن العريش احتضنت علماء وقادة في الماضي والحاضر , وقد أثنوا عليها وذكروا طيب المقام بها , وأثنوا على أهلها , والأمثلة كثيرة على ذلك ستأتي في سياق الأحداث.

هي عاصمة سيناء المقدسة التي كلم الله فيها نبيه موسى عليه السلام وأقسم بها الله العلي القدير , يقول تعالى :"والتين والزيتون , وطور سينين , وهذا البلد الأمين..."[7].



ويقول تعالى :"ولما جاء موسى لميقاتنا قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً"[8].

ويقول تعالى :"وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين"[9].

وفي الحديث عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:

قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ "يا معاذ إن الله عز وجل سيفتح عليكم الشام من بعدي , من العريش إلى الفرات رجالهم ونسائهم وإمائهم مرابطون إلى يوم القيامة , فمن اختار منكم ساحلاً من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو في جهاد إلى يوم القيامة"[10].

ذلك يؤكد طيب المكان وأهله وأن العريش قد ذُكرت على لسان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فهي دلالة على قدسية المدينة وأنها فعلاً من البلاد التي تقع حول المسجد الأقصى كما ذُكر في القرآن الكريم.

وقد بين حديث المصطفى _عليه الصلاة والسلام_ أن القائمين في تلك الأماكن المشار إليها في الحديث الكريم هم في رباط إلى يوم الدين وهذا من نعم الله على أهل سيناء.

المؤلف







[1] ) سورة الحجرات : الآية 13



[2] ) عبد الحكيم العفيفي : 1000 حدث إسلامي , الطبعة الأولى , القاهرة , مكتبة الدار العربية للكتاب ص 33.



[3] ) عبده مباشر , إسلام توفيق : سيناء الموقع والتاريخ , دار المعارف.



[4] ) سورة المائدة : الآية 2.



[5] ) رواه البخاري برقم 5552 , ومسلم برقم 4685 , وأحمد بن حنبل.



[6] ) رواه البخاري ومسلم.



[7] ) سورة التين : من الآية 1 الى 3.



[8] ) سورة الأعراف : الآية 143.



[9] ) المؤمنون : آية رقم 20 , يذكر بعض المفسرين أن هذه الشجرة هي شجرة الزيتون , (كما تشتهر مدينة العريش بزراعة الزيتون).



[10] ) رواه معاذ وأخرجه القاضي محيي الدين الحنبلي المقدسي في الأنس الجليل ج1 ص203 , وأورده د/ جمال عبد الهادي في كتابه الطريق إلى بيت المقدس ج1 ص51 , وأورده الإمام السيوطي في إتحاف الإحصاء بفضائل الأقصى.